كمان شوية حدوتة
بس اسمعوا ليلى الاول
...
ثم نبدأ

يا بهية وخبرينى يا بوى ... ع اللى جتل ياسين
قتلوه السوادنية يا بوى ... من فوق ضهر الهجين
...
الليلة دى حكاية الاوستاذ ياسين والست بهية
وكيف قُتل الموكوس بسلامته
وما هى الظروف والملابسات
ومن هما دول اللى فوق ضهر الهجين حضرتك
ومصادر الحكاية
مذكرات اللواء محمد صالح حرب
مصر من نافذة التاريخ لـ .. جمال بدوى
والصور من النت من كذا مكان
وموضوع الأخ ياسين دا
بقاله فوق الـ 100 سنة دلوقتى
والقريحة الشعبية خلت منه بطل
بينما هو ف الحقيقة العكس
وقبل ما نتكلم عن المقتول نتكلم الاول عن قاتله
كما قال جمال بدوى ف كتابه
مين هوه اللوا محمد صالح حرب دا
وايه قصته ؟!!

نبتدى مع الباشمهندس صالح حرب ... الأب
اللى كان مهندس برتبة بكباشى
والحاجتين دول مع بعض كانوا حاجة كبيرة جدا
فى هذا الوقت
بعتته الحكومة المصرية يعمل استحكامات فى الجنوب
فالراجل لما استتب له الأمر قعد ف دنقلة وتمركز بها
واتجوز الست شلباية مصطفى عثمان
وخلف منه محمد
وصالح كان مقرر يقعد ف السودان علطول
بس هوب والثورة المهدية قامت
راح واخد مراته وابنه ورجع على اسوان مسقط رأسه
وقعد شوية
الام ربنا افتكرها برحمته
فأتجوز تانى من عيلة قناوى
وبقى لمحمد الابن الوحيد اخوات وعيلة من مصر
واخوال وعيلة م السودان
وسموه بعدين ابن النيلين عشان الحكاية دى

ومحمد هيبدأ الانتظام ف التعليم
وبيقولوا ان عباس العقاد كان زميله
ف نفس المدرسة الاميرية الابتدائية
ثم تنتقل الأسرة للقاهرة
ويدخل مدرسة العباسية الثانوية
وبيحكى ف مذكراته ان المدرسين ف الوقت دا
كان كلهم حماس وحمية وهجوم ع الانجليز والاحتلال
وكانوا بيزكوا فيهم روح الوطنية
فطلع عاوز يبقى ضابط جيش يحارب اعداء الوطن وكدا

وخلصنا الثانوى
ومحمد عاوز يخش المدرسة الحربية
على حظه فى السنة دى
امتنعت المدرسة عن قبول طلبة جدد
فراح مقدم لمدرسة خفر السواحل
وخلص دراسته وأتخرج
واتعين ظابط حدود بخفر السواحل دفعة 1903 م
وبيقولوا انه كان شاطر ومقعدش برتبة ملازم ثان كتير
واترقى لملازم اول عشان بين كرامة
ف عملية القبض على عصابة كبيرة للمخدرات
ثم بقى اول مصرى يترقى لقومندان لقسم الضبعة
وهو ملازم اول بسبب شطارته
ووجوده ف البقعة دى قربه من طبيعة البدو والصحراء
ودا اللى هيؤهله لأدوار اكبر قدام

ف السنوات اللاحقة الحرب العالمية الأولى
هتدق طبولها وانجلترا تعلن الحماية على مصر
الكلام دا مش هيعجب محمد وغيره
وف قزحة تتناسب مع تركيبة شخصيته المتمردة
هيسيب الجيش ويروح للمقاومة
ويسافر ليبيا ينضم لقوات السنوسى
اللى اتشكلت لمحاربة الاحتلال البريطانى سنة 1915
الموضوع دا طبعا مش هيعجب الحكومة المصرية
واللى مزقوقة بالمحتل وأوامره والأحكام العرفية
واللى محمد كبده خساير معتبرة على الحدود مع ليبيا
فيتحكم عليه بالإعدام

ويمشى ف طريقه دا شوية
وبعدين يسافر محمد لتركيا مع السنوسى واخرين
فى غواصة يبعتها السلطان العثمانى وقتها
وشوية وحركات المقاومة العثمانية دى كلها تنهار
امام قوات الحلفاء
ويهرب محمد والسنوسى إلى الأناضول
وينضم لقوات كمال اتاتورك فى محاربة الانجليز
وحاجة آخر مراجيح يا ثامح !

شوية وتقوم ثورة 1919 م
وتؤتى ثمارها علطول
ويشكل سعد زغلول يا حليوة يا بلح اول وزارة وطنية
ويصدر مرسوم بالعفو عن السياسين المسجونين
والمنفيين
فيرجع بعدها محمد صالح حرب لمصر
وينضم لحزب الوفد كمان
ويترشح فى مجلس النواب 1926 ف أسوان مسقط راسه
ووسط أهله وعصبيته وينجح طبعا
دى عاوزة كلام !
بعد كدا بقى هتسمع عنه
وهوه عضو مجلس النواب
ثم بعد حل المجلس يتعين وكيل لمصلحة السجون
ثم مدير لخفر السواحل
ثم وزير للحربية فى حكومة على ماهر
اللى اتشكلت قبل الحرب العالمية التانية ما تقوم بهبابى
بعدين بعد صولات وجولات وعلاقات فى عالم السياسة
هيتحول للعمل ف الشأن العام
ويزهد ف المناصب الرسمية

وبخلو رئاسة جمعية الشبان المسلمين
يلحوا عليه بقبول المنصب
يقبله بعد رفض ف الاول ويبقى فيها لحد 1968 م
لحد ما يلاقى ربه بعد حياة حافلة
دى لمحة سريعة كدا عن الشخصية المثيرة دى
واللى ف مستهل حياتها
هتتحط ف الموقف العصيب
وتبقى مع ياسين المجرم العتيد .. وجها لوجه

والسرد من المصدر الأصيل
سى محمد بيقول انه كان لسه ضابط متخرج من شهور
يعنى الموضوع دا حصل اما فى اواخر 1903
او اوائل سنة 1904 بالكتير
لسه ملازم تانى وضبوط صغنن
لما سمع عن ياسين وحكاياته
وازاى كان مسبب هلع لمديرتى أسوان وقنا
وبيزهق الارواح تسالى وبلا هدف محدد حتى
مجرد شقاوة زى ما بيقولوا
الكابتن ياسين كان عنده رغبة يكون زى ابو زيد الهلالى
ويغنوا حكايته ع الربابة
يقتل ف اسوان وهوب يهرب على قنا والعكس
مكنلوش مكان محدد وملوش رادع
وعمل هسس لدرجة ان الناس
بقت تخاف تمشى لوحدها ف الخلا او حتى جماعات
من كتر ما كان قارفهم
وزارة الداخلية وقتها شددت ف محاصرته
وامدت المديريتين قنا واسوان بقوات اضافية
للقبض عليه
فبقى يصطاد منهم ناس ويقتلها
ويبوظ الخطط بتاعتهم ويهرب
لما خلى منظرهم زبالة
ومحدش بقى قادر عليه خالص
ولإنه كان من العبابدة ...
فالداخلية ساقت عليه عمدة قبيلة العبابدة وقتها
وكان اسمه على بك
بعتوله وغسلوه
وهددوه انهم هيسحبوا منه الرتب والنياشين بتاعته
لو مقبضش على ياسين حيا او ميتا

الراجل اتخرع طبعا على رتبه والنياشين
هوه الراجل حيلته ايه غير رتبه ونياشينه ؟
وفورا لم رجالة من القبيلة
ودوروا على ياسين ف سلقط ف ملقط لحد ما عتروا فيه
وفى محاولة يائسة من على بك لاقناعه يسلم نفسه
ياسين فهمه بمنتهى البساطة انه محكوم عليه بالاعدام
ومش هيرمى نفسه رخيص
وانه مفيش فايدة من الكلام
وطلع نفسك انتا من الحكاية دى احسنلك يا عمدة
الراجل اتخض طبعا وراح لامم النياشين والرتب
ودخل ع المفتش الانجليزى بتاع الداخلية
قاله الحاجات اهى
وانا مقدرش أعمل حاجة
اذا انتوا مقدرتوش عليه
هطلع أنا أقوى م الحكومة ؟!!
واودى روحى ف داهية
... لا شكرا

ويبقى الامر على ما هو عليه ...
ياسين يتنقل بين قنا وأسوان يرتكب الجرائم
ومحدش قادر يطوله ومطلع ترابنتين الكل

... ف هذه الاثناء كان محمد صالح حرب
اللى مستلم شغله جديد
وتم انتدابه من سلاح الهجانة
لشراء جمال من وادى حلفا

وسافر فى المهمة دى مع ضابط انجليزى
ويوزباشى اسمه حسن ابراهيم
وكان من قبيلة النابقة من السوادن
وكانت الحدود بتبعته دايما
يشترى الهجن لخبرته ف الحكاية دى
وراحوا أسوان ومن هناك لوادى حلفا
لحتة اسمها (أبوحمد) فى السودان

وهناك استنوا واحد من قبيلة البشارية
المشهورين بتربية الهجن او الجمال يعنى
واشتروا منه 75 جمل
وتمت جزئية التبضع والحمدلله
ويتبقى جزء الرجوع بالمشتراوت بقى !
البكباشى الانجليزى الموفد من الداخلية
خلع من مهمة الرجوع دى وركب السكة الحديد
وقالهم ارجعوا انتوا بالجمال
وكانت المهمة الابوخ والاصعب
ليه يا شهروزة صعبة ؟
حضرتك المهمة كانت تقتضى اصطحاب الـ 75 جمل
عن طريق البر من وادى حلفا جنوبا
لحد مرسى مطروح اللى فوق قرب حدود ليبيا دى
متخيلين البؤس ؟ !!
قصره .. أول ما وصلوا حلفا
جه لليوزباشى حسن ابراهيم تلغراف
ان مراته عيانة وف حالة خطر
فقرر يرجع بالقطر لبلده تاركا حرب
وكنا ناقصينه راخر

بس ولِبس سى محمد المهمة لوحده
وكان لسه جديد ف الشغلانة
وقعد يفكر ويدبر يعمل ايه
خصوصا ان كان معاه كمية من الدرة عليق للجمال
وكانت كمية ضخمة وصعب يسافر بيها كل المسافة دى
فهداه تفكيره يوزعها على المحطات ف المدن
اللى هيعدي عليها مع الهجن بتاعته
وكان لازم يمشى بحذا شريط السكة الحديد طبعا
وسأل فى محطة كوم امبو على جدول ومواعيد القطارات
عشان يتجنب المفاجأت
قالوله مفيش دلوقتى ... ومتقلقش
لكن على مين !
فجأة بعد شوية ظهر قطر وهما ماشيين
وكانت حوسة !
قعد هوه ومعاه الاومباشى ونفرين عساكر
والدليل بتاع الطريق يهشوا ف الجمال
ويبعدوها عن شريط السكة الحديد
ونجحوا فعلا مع الـ 74 وفضل جمل واحد
اسمه " الظافر" كان من هجن الحدود
اللى جايبينهم معاهم من القاهرة
الظافر حُرن ومتحركش فالقطر داسه
وبعدين القطر نفسه وقف وعطل
وشغلانة

بس وعملنا محضر بالواقعة
وبعدين عزا للظافر وشربنا عليه القهوة السادة
وحد يقولى يا شوشو
ليه صالح حرب بيصدعنا بحكاية الجمال والقطر
والقصص دى كلها ؟
أقولكم عشان يعرفنا ليه هوه قرر يبعد عن الطريق دا
ويمشى ف الصحرا تجنبا لحوادث مماثلة
وف الصحرا هيقابل صاحبنا اياه
النصيب بقى وتصاريف القدر
بس يا سيدى
وشق سى محمد الصحرا
هوه ف الاول ومعاه الدليل بتاعهم
وكان من قبيلة العبابدة
ثم نفرين جنود على جانبى الجمال
والاومباشى ف آخر القافلة
ويا مهون
وعدت القافلة دى بين جبلين ...
صالح حرب بيقول ان نفسه كانت مقبوضة من المكان
فجأة الاومباشى جه جنبه
وقاله بالحرف
" يا افندى انا شفت واحد عربى نايم على بطنه
وفى يده بندقية فى المغارة هناك"
وشاورله على المطرح بالضبط
الدليل أول ما سمع الكلام دا اتخرع
وراح مهلل
" واحنا مالنا عربى نايم على بطنه
وماسك بندقية ما ينام على بطنه ولا ضهره
فى مغارة ولا فى نار حامية "
حرب هرشه علطول
وفهم انه ادرك بالفطرة ان دا ياسين
اكمنهم من قبيلة واحدة وكدا ..
وتصور انه خاف وحب يبعدهم عن الخطر
بس الدليل كان على نياته وميعرفش بقى بطل الحكاية
وازاى انه كرامته نقحت عليه
وفضوله يشوف مين ياسين دا
وشكله ايه
ولأ .. الموقف ميعديش بسهولة كدا ويمشوا !
وأصر حرب يروح يشوف الكابتن اللى نايم
ومعاه بندقية دا
رغم رعب الدليل وتوسلاته المستمرة
بلأ يا فندى وبلاش الله يخليك وجومى بينا نمشى !

بس وأربطلى الجمال دى يا بنى
وخليكو هنا لحد ما نروح نمسى على ياسين ونرجع
وراح سى محمد ومعاه الأومباشى
يوريله مطرح الراقد ببندقيته دا فين
وفعلا من مطرح شافوه
وشاور صالح حرب للأومباشى يلا ننزل
وفجأة الجمال عملت صوت
فالنايم صحى
ومفيش اتفضلوا نجيب شاى نعمل غدا أى منظر
الصاحى فجأة
منزعجا "أمطرهم بوابل من الرصاص" كما يقال
فى هذه المناسبات
وطبعا جريوا نزلوا فى محاولة للنجاة بعمرهم
وخلاص كدا محمد فهم
انه مش هيخرج هوه واللى معاه من المطرح دا احياء
وبقت المعركة والمواجهة حتمية
يا قاتل يا مقتول
ما حدث بعد ذلك ان ضرب الرصاص وقف
حرب رجع لمبرك الجمال واخد معاه الاومباشى
ومعاه عسكرى وقربوا من المغارة اللى فيها ياسين
بتاع 300 متر فرق بس
وابتدوا يضربوا نار وهوه ميردش عليهم
فخمن حرب انه بيستدرجهم عشان يقربوا اكتر من المكان
فراح مغير موقعه لحتة تانية
وأثناء الضرب حصل حاجة
سمعوا صوت عياط طفل من جوا المغارة
حرب خاف ليتصاب الطفل ف اطلاق النار
فأمر بوقف الضرب
وانسحبوا من المكان
وهوه نازل خد باله ان اتجاه الرياح من ناحيتهم للمغارة
فجت ف دماغه فكرة عجيبة زى ما بيقول
" فخطر لى خاطر على قدر تفكيرى فى هذا السن "
قول يا بنى وسمعنا !

" هى ان فى طريقنا وقبل ان ندخل الى الممر بين الجبال
كان هناك مغربيين يسكنان فى اخصاص من البوص
وحولهم بوص من سيقان الأذرة فخطر لى
لماذا لا نأت منها بحمل جمل بوص
ونربطه فى حزمة كبيرة وندليها من أعلى الجبل
بواسطة حبل وحبال الجمال متوفرة لدينا
.. وندليها الى فم الغار بعد ان نشعل فيها النار
وشدة الريح ستدفع بنارها ودخانها الى داخل الغار
فيضطر هو ومن معه الى الخروج منه
والهرب فنستطيع ان نصيبه "
دى الخطة ببساطة
ويا دوب نازلين ينفذوها
راح ياسين ضارب عليهم نار جت طلقة
ف طربوش العسكرى
خلاهم ينزلوا زحف على بطنهم حرفيا
مجرم وحرّيف بصراحة
بس وعاوزين ننفذ الخطة دى يا ولاد
فمين اللى هيركب الجرس للقط ؟
حرب قال للعسكرى روح هات البوص
فرد عليه كالآتى :
" فقال لى ومن أى طريق أذهب
قلت له من الطريق التى جئنا فيها قال
يعنى امر على باب الغار وفيه يسن
وانا راكب جمل يا حضرة الضابط انا فقير وعندى عيال
ومش مستغنى عن عمرى "
الرد استفز حرب فرد :
"فقلت له يخربيت بيتك وييتم عيالك
اصعد انت وامش من فوق الجبل
وانا أفوت لك الجمل"
وكمل :
" وفعلا صعد من فوق الجبل فى خفة المعتاد على تسلقها
وركبت انا جملا سريعا ولما اقتربت من فوهة الغار
الهبته بالسوط فمرق كالسهم "
اثناء ذلك ياسين ضرب عليهم نار
والجمل هوه راكبه اتصاب اصابة غير قاتلة
المهم اتنفذت الخطة واتجاب البوص واتربط بالحبل
ولفوا من ورا المغارة ومن عند فتحتها من فوق
ولعوا ف البوص
ولسه بيسقطوه ف الحلة قصدى جوا المغارة
وبيحكى حرب عما حدث ...
" ولم يمض على هذه الأحداث نصف ساعة
واذا بإنسان كأنه غزال فى خفة يخرج من الغار
ويندفع كالسهم يريد ان يجتاز الممر الى الجبل المقابل
ليهرب "
كان فاكر الجمل اللى عدى رايح يجيب مدد
للقبض عليه فقرر يهرب
بس يا معلم وفتحوا عليه النار بكثافة
مكنوش عاوزين يقتلوه كانوا عاوزينه حى
بس هوه مكنش مستعد يتقبض عليه
" عندما راى الرصاص يمر عن يمينه وشماله
وفوق رأسه استعصم بهضبة وانبطح خلفنا
واتجه يطلق النار فى سرع علينا وعلى الجمال
ونحن نطاوله ولا نريد اصابته واذا بالأومباشى على يمينى
يقول لى انا اصبت يا افندى ووضع يده على خاصرته
واذا برصاصة تصيب كعب بندقيتى
الواد ناشنجى برنجى
وجاكى ناويها الليلة يعنى ناويها !
" اذن الشقى مصمم على قتلنا
فقلت للعسكرى اضرب صائب فأطلق العسكرى الرصاص
على الجزء الظاهر من الشيطان والحمدلله
فان سلاح الهجانة كان فى ذلك الوقت
سلاحا بارعا فى التنشين الماهر واصابة الهدف
فاذا بأربع رصاصات فى المليان كما يقول التعبير العسكرى
بس يا سيدى :
" رأينا الشقى يلقى بسلاحه فجرينا نحوه
واذا به انتهى لأن احدى الرصاصات كانت فى قلبه
والثلاث الاخرى واحدة تحت ابطه وواحدة كسرت ترقوته
وثالثة مست ذراعه الأيمن وفتشناه
واذا معه ذخيرة كثيرة وبندقية ذات خمس طلقات يونانية
...
وهوه ياسين ولا مش هوه يا ولاد ؟؟؟
" واذا فى دكة لباسه ختم بأسمه فتأكدنا عندئذ
انه يسن لا شك ولا شبهة"
خلاص هوه
وزغروظة يا عياااال
وخلاص قتلناه ..
نروح ع المغارة بقى نشوف الطفل
اللى كان بيعيط دا فين
لقوا ضلمة فولعو كبريت وتوغلوا
واكتشفوا حتة ف المغارة تانية
ولقوا ست ومعاها عيل اول ما عرفت ان ياسين اتقتل
راحت مزغرطة وقعدت تهلل .. !
طلعت مراته والولد ابنه
" لما علمت الزوجة بقتل زوجها اندفعت تزغد
وتقول فى حماس "بركة لى بركة لى " وحسبت
انها تتصنع الفرح خوفا منى ولكنى علمت انها جادة
لانها كانت تعيش معه فى فزع وبلاء وخوف "
بس وركبوها والولد جمل عشان تروح معاهم
والجثة نعمل فيها ايه يا فندم ... ؟؟
"ولست ادرى ماذا اصنع بها
ولا افهم شيئا فى الاجراءات القانونية فى هذه الحالة
غير اننا استحضرنا جوالا والقيت فيه الشقى
وحزمنا الشوال وربطناه "
واتحرك الركب على أقرب محطة
اللى كانت المحاميد بأرمنت التابعة للأقصر

وبصوا بقى اللى فات دا كله حمادة
واللى جاى دا حمادة تانى خااااااااااالص
عشان الجدع كان فاكر انه عمل حاجة كبيرة وانجاز
فاذا بالموقف يتحول لمشاهد متتابعة فى فيلم سينما كدا
...
طول ما القافلة ف سكتها للمحاميد كانت الناس
تقابلهم .. البسطاء واهالى القرى يسلموا عليهم
وحمدلله ع السلامة الخ
لحد ما وصلوا للقسم
ويحكى صالح حرب بنفسه :
" واذا بى التقى بمأمور المركز ويسألنى ماذا حصل
واين يسن ؟ وقبل ان اجيبه واصل كلامه قائلا : طبعا هرب
ان شاء الله ميكنش قتل واحد منكم ولا بهدلكم
وانت كنت فين لما قابلته وعلمت به واستمر يتكلم
ولا يترك لى مجالا لاجيب عن اسئلته
واخيرا قلت له يا حضرة المأمور يسن قتل
فلما سمع قولى حتى تجهم وجهه
وقال مستحيل ده كلام فارغ انت قتلت يسن ؟
ابدا ابدا شوف انتا قتلت مين ؟
قتلت من أظن انه يسن
فقال لا ما اصدقش وطيب انت جاى ليه
وما انتظرتش عند الشخص اللى قتلته ليه
وتبعث خبر بذلك ؟
فقلت له : قد استحضرناه معنا
فقال المأمور استحضرته معك جبت جثته؟
ولما راى المأمور الشوال قال عال عال ده طرد بضاعة
ولا طرد ركاب ولا شوال ذرة
وحملق فى الشوال عندما كان العسكرى يفك رباطه
ثم نفضه فسقطت الجثة والمامور يحملق فيه

"فما ان راى الجثة حتى صرخ
صرخة عالية (هوه ابن الـ ... هوه ابن الكلب) وكأنه
فى حالة غير عادية
ولما رجع الى هدوئه قال يا بنى اهنيك على سلامتك
وعلى شجاعتك وانت ريحتنا من هم وشر كبير "
والحوار دا فكرنى بأغلب مشاهد محمود مرسى
مع مجدى وهبة ف ليل وقضبان
حاجة شبه كدا
القصد ..
تانى يوم كانت الاستراحة عمالة تتزحم من اول النهار
بالرتب والكبرات والوفود كله جاى
اللى عاوز يتأكد من الخبر
وواللى عاوز يتفرج
واللى جاى يشارك ويعمل الشو المعتاد
ومن نيابة قنا واسوان جم ناس
وحرب استغرب ان التحقيق يبدأ معاه
وبمنتهى الصلف والغرور وكأنه مذنب !
" تسلم محضر التحقيقة وكيل النيابة
وبدأ يوجه الى اسئلة فيها عنف وعنت
والحقيقة انه لما ازدحم المكان برجال الادارة
لم ار منهم ترحيبا ولا لطفا فى معاملتى
وكأننى اتيت امرا فيه اساءة اليهم "
اهيه
بقى مش عارف عملت ايه يا جدع
تعالى وانا اقولك
بقى انتا يا عيل يا صغير يلى لسه متخرج اول امبارح
تقتل مجرم عتيد مشيبهم بقاله مدة
ومحدش قادر عليه
قوم انتا تقدر
وبالصدفة البحتة كمان دونما تخطيط مسبق
وكمان جايبه لهم ف شوال
ومخلى مناظرهم قُلل
وتقولى انا مستغرب
ومعرفش ايه ؟!!!

ثم ازاى تقتله وتجيبه كدا عادى
مش تبلغهم الأول عشان يتلموا وينتقلوا لمكان الحادث
ويعملوا مسئولين وييجوا ياخدوا اللقطة
وتختفى انتا من المشهد
ولو حنوا عليك وحبوا ينسبوا لك الفضل
تظهر وتقول كانت المداهمة بتوجيهات الحكمدار فلان
والمفتش علان ووكيل النيابة ترتان
مش تطبل كدا وتخليك حلو ؟
"هذا التحقيق الذى واصله وكيل النيابة
وكان من ضمن اسئلته العجيبة لماذا قتلته
ولم تقبض عليه حيا ولماذا لم تتركه بعد قتله
حيث هو وترسل خبرا بالحادثة ؟ "
قالهم انا ضابط جيش مش بوليس
ومعرفش الاجراءات دى واتصرفت وفق تقديرى
...
ايوه هيا تقديرك دى اللى حارقاهم يا بنى
بتفكر من نفسك وتتصرف ليه
اومال مين اللى مفروض يتمحلس لهم
عشان يحسوا انهم مهمين ! !
وبيكمل ...
" سؤال اخر : تقديرك غلط وتصرفك غلط
ووضعت نفسك فى مسئولية
الحقيقة انه عند هذا الحد من تحدى وكيل النيابة
كنت انتظر اعترافا بالعمل الجليل فاذا بى اقابل بهذا التنكر
عند ذاك لم اسكت قلت له تقديرى غلط وتصرفى غلط
وانا متحمل كل مسئولية تنتج عن هذا التقدير الغلط
والتصرف الغلط ..
ولكن لن تسمع منى الآن جوابا لأى سؤال
بل ولن اجلس معك مجلس المتهم وتركته
ونزلت من الدهبية وظل ينادينى فلم التفت اليه"

ونزل من هناك على تلغراف المحطة
وبعت لمفتش الصحراء الغربية الاميرالاى
الالمانى (فون دومريكر بك ) يبلغه بالوضع المهين دا
كان حاجة كبيرة الراجل دا
بعدين هيشتغل مع هتلر .. يالهوى
الألمانى استخدم علاقاته
وفورا تانى يوم كان مفتش المديريتين قنا واسوان
مستر وندسون راكب الاكسبريس وعندهم ف المحاميد
وعمل اجتماع لكافة القيادات
ومعاهم طبعا محمد صالح حرب
واليكم محضر الجلسة ف نص دقيقة
بس المهم نعرفه انه توّ ما جه قعد مع حرب الاول
وعرف منه التفاصيل بكل دقة
ثم طلب الدليل بتاع الطريق وراح بنفسه يعاين الموقع
بتاع المواجهة وشاف كل حاجة بعينه
ورجع بعدها
" امر باجتماع مع كل الحاضرين
من وكيل مديرية اسوان وحكمدار قنا واسوان
ومأمور ادفو وضابط بوليس
وبعض الضباط والمشايخ والاهالى وموظفين اخرين
وبعدين :
" وقف فى وسط هولاء جميعا ونادانى ومد يده
وقال بلغة عربية انكليزية باسم وزارة الداخلية
اشكرك كثير خالص وانت قمت بعمل عظيم خلص مديريتين
من مجرم كان خطرا كبيرا على الامن العام
ثم التفت الى حكمدار قنا
وقاله له "حضرة الحكمدار" ثم التفت الى حكمدار اسوان
وقاله له"حضرة الحكمدار" ثم التفت الى الضباط
وقال "حضرات الضباط " يمكنكم الآن
ان تناموا كويس وتستريحوا تمام
مفيش خطر
ما فيش خوف
هذا الضابط الصغير جدا خلصكم من الخطر
والحمدلله مش كدا
مبروك عليكم "
م الآخر شطفهم

المذهل ان حرب بيقول :
" والحقيقة انى كدت أذوب خجلا وتألمت كل الالم
لهذا التقريع الشنيع لهولاء الضباط العظام والصغار
وهم سكوت ولم يجرؤ واحد منهم ان يرد بكلمة "
عظام مين يا بنى
دى عالم مهزأة ودون وجابوه لنفسهم
ناس بتتشطر ع الأشخاص اللى أضعف منها
وتخرس وتوطى قصاد الأقوى
آل عظام آل !
وقالوله خلاص تقدر تسافر ومش عاوزين منك حاجة
ولا تحقيق ولا بتاع
جه 3 دكاترة من اسوان عاينوا الجثة
وكتبوا التقرير ثم دفن ياسين
ثم
" تحركت فى صباح اليوم الثالث الى القاهرة
وبعد ان وصلتها وجدت امامى خطابا من وزارة الداخلية
سلمه الى الاميرلاى فون دومريكر خطاب كله ثناء
وتمجيد وتقدير
وبعد ان اطلعت عليه رددته اليه
ليضعه فى ملف خدمتى"
وبيقولك انه يا سيدى
"وصرفت لنا وزارة الداخلية عشرين جنيه مكافأة"
وبيختم حرب الجزء دا من المذكرات
قائلا
"وهكذا قتل يسن وهكذا كانت نهايته
ولم تمض ايام حتى نظم احد ابناء الصعيد اغنية فى ذلك
لم تلبث حتى رددها الشعب كله من أقصى الصعيد
الى شمال الدلتا تلك كانت الاغنية
يا بهية خبرينى ع اللى جتل ياسين "
وبس
انتهى كلامه
والقصة خلصت
بس انا عشروميت ملاحظة الحقيقة
:)
(1)
ياسين دا بغض النظر عن اجرامه
لكن الظاهر كان زاعقله نبى
كان بيتمنى يكون زى ابو زيد الهلالى
تنحكى حكايته ع الرباية
وسبحان الله
طلبها ونالها ... !
(2)
حد يقولى آشهرو ما يمكن مظلوم فعلا
ودى الراوية الرسمية بتاعت الحكومة
زى ما الداخلية متعوووودة دايماااااا
تشوه سيرة أى معارض
أقولكم لأ ف القصة دى ... لأ
الراجل دا - حرب يعنى - سيرة حياته بتقول انه
مش مضطر يألف ويكذب ويطبل
ثم انه من اهل اسوان أصلا
ومن الصعب انه ينخدع بكلام الداخلية
دا قريب من اهل قنا واسوان مش غريب عنهم
ولو كان ياسين مش مجرم كان هيعرف علطول
الناس - ع الأقل أهله وعزوته - كانت هتقوله

(3)
دا يقودنا إلى حوار المجرمين
اللى بيتحولوا بالقريحة الشعبية إلى أبطال
زى ما اتعمل مع ادهم الشرقاوى بعد كدا
بأكتر من عشرين سنة مثلا
ايه الغية دى عند عموم الناس
سوى رغبة المواطن البسيط ف الوقوف مع أى حد
تقهره الحكومة أو السلطة كما كان يقال
وتلبيسه توب البطولة حتى ولوهوه مش كدا

(4)
ومن حوار ياسين وأدهم الشرقاوى لقصة ريا وسكينة
اللى فيه ناس الأيام دى عاوزة تلبسهم توب بطولة
ومحاربة الانجليز
برضو وتزييف للتاريخ وكأن المفروض نصدق دا
ونتجاهل عشرات الصحف والمجلات وقتها
والناس اللى كانت عايشة الحدث وتقدر تكدبه
ومش مضطرة تطبل للسلطة وقتها لانهم من المعارضين
بالعكس
فضح السلطة وذكر ان دى حركة مقاومة
كان واجب وطنى
لكن محدش قال كدا خالص ...
جابوا منين حوار ان ريا وسكينة
كانوا بيقتلوا ضباط انجليز دى ؟!! !
(5)
بخصوص موضوع المزمزيل بهية
التى ذكر اسمها ف الموال
ثم لما ُعرفت رواية محمد صالح حرب
ناس تطوعت وقالت انها كانت الست اللى ف المغارة
اللى كانت زوجة لياسين وام ابنه وفرحت ف موته دى
الراجل - حرب - مقالش ان اسمها بهية خالص
ليه الناس تصورت ان دى بهية
وانه مش مجرد اسم اخترعه صاحب الموال ؟؟

(6)
المهم ان الثنائى دا أستفز ناس كتير
تغنيله الموال القديم مع بعض التعديلات
سواء من المغمورين أو المشهورين
زى ليلى مراد ومحمد قنديل ومحمد العزبى
ومحمد طه وحتى مدحت صالح
ونجيب سرور الشاعر اللى كتب مسرحية
واتعمل عنهم فيلم كمان ... بس مش بيتعرض كتير
اللطيف بقى ان لبنى عبدالعزيز نفسها
عملت فيلم أدهم الشرقاوى
والظاهر انها كانت تخصص فى حب الأشقياء
الذين حولهم المصريين إلى ابطال
ليه يا عروسة النيل كدا
:)
(7)
شخصية اللواء محمد صالح حرب دى
محدش بيتكلم عنها كتير
يمكن لإن توجهه اسلامى
وكان عنده نعرة تجاه فكرة الخلافة الخ
بس اظن السبب الرئيسى لعدم ذكره كتير
انه كان راجل متمرد على القواعد العسكرية الزبالة
اللى بتحطم الانسان وعاوزاه مجرد ترس ف مكنة
او بهيمة ف القطيع
والراجل أى كانت عليه أى تحفظات
فهو كان عنده فكر وعنده كرامة وعنده حتة وطنية
من وهوه لسه غض غرير كدا
قاعد ف جيش بيتحكم فيه الانجليز
ولما لقى نفسه هيتلوث بالقعدة ف المستنقع دا
خد بعضه وراح يحارب الاحتلال من أرض مجاروة
والواضح انه وجع الانجليز قوى
لحد ما أصدروا حكم بالاعدام عليه !
ولسه مقرتش باقى المذكرات بس هيا مش كبيرة
ومش عن حياته كلها ولكن فترات متقطعة
لكنه شخصية ثرية وعاصر احداث وتقلبات كتير
ويستحق الانتباه إليه
والمذهل انه عاش بعد قتل ياسين 50 سنة واكتر
بيسمع تحول المجرم الشقى إلى بطل
فى وجدان الناس ... يا ترى كان احساسه ايه ؟!!
(8)
بس الحقيقة
ومينفعش ننكر ...
ياسين دا كان لوحده كدا فردانى
لا عنده عصابة زى أدهم الشرقاوى
ولا مسنود بحد
هوه نفر بطوله وكان مشيب مديرتين
بالداخلية المصرية والانجليز
وكان قناصة شاطر وعنده مهارات مقاتل
واللى هوه والمصحف
وكمان والمصحف لأنيمك م المغرب يا صين يعنى .. !
لأ
برضو تحويله لبطل شعبى فيه شوية منطق
:))
(9)
فيه تفصيلة ف كلام صالح حرب ملفتة للنظر
ان مدرسينه ف المدارس
كانوا بيبثوا فيهم روح الحماسة
والرغبة ف الخلاص من المحتل
الناس دى هما طبقة الافندية
اللى اتكلم عنهم يونان لبيب رزق ف احدى كتبه
هما دول اللى عملوا زى مقدمات كدا
لما حدث من حراك فكرى وسياسى وثورى كمان
دول اللى بدأ ظهورهم يقوى من بعد الثورة العرابية
وكنتيجة منطقية لمجى الاحتلال وتحكمه بمقادير البلاد
ودا يقولك ازاى التعليم مهم
وليه ف جمهوريات البلح محدش عاوز يبقى فيه وعى
يعقبه نضج ثم رغبة ف التحرر من حكم البهائم
ويعمل ايه التعليم ف وطن ضايع
وكفاية علينا التابلت
#سحيح
اتيما
(10)
الواقعة دى حصلت من اكتر من مئة عام
زيف فيها التاريخ بعمد او بغير قصد
لكن ف النهاية الحقيقة بتظهر
بس ندعبس عليها وربنا يخليلنا نعمة القراية
ويرزقها لكل الطيبين
لينك مذكرات اللواء محمد صالح حرب للى حابب يقراها
...
طولنا عليكم معلش
تصبحوا على الف خير
--------------------------------
مقال جميل وسردك للأحداث ممتع. شكرا
ردحذفمشكلتي الوحيدة مع الرواية دي للأحداث إنها مش بتدي صورة كاملة عن يس، فكرة إن واحد يقرر يبقى مجرم وقتال قتلة عشان يبقى أبو زيد الهلالي دي مش لازم تكون حقيقية، وجايز جدا إن يس اتجه للإجرام لأسباب تتعلق بغياب العدل أو على أقل تقدير العدالة الاجتماعية، وممكن يكون ده سبب لتوحد الشعب معاه حتى وإن كان تصرفاته غلط.
ردحذف