الثورة العرابية بعيون دولجية

وكانت هيئة النظارة سائرة فى الطريق الجادة 
ناشرة ألوية العدل والتسوية بين القوى والضعيف 
والرفيع والوضيع ، فأستوجب ذلك إثارة الحقد 
فى صدور أرباب الأغراض
 فتقولوا على هذه الهيئة وطعنوا فيها 
وأختلط كثير منهم بضباط العسكرية فأوغروا صدورهم

وألقوا فى آذانهم أنهم الأحق بتعديل القوانين 
والتصرف فى الحكومة 
 حيث أنهم اهل الوطن وأصحاب القوة 
 وحسنوا لهم ما صنع بعضهم من الثورة السابقة
 التى لم يعاقبوا عليها ، فتعصبوا وتمكن منهم الغرور
 وكان رئيسهم أحمد عرابى أحد أمراء الآلآيات 
وقتئذ

فأستمال سائرهم وعاقدهم على مضادة الحكومة 
وتقدم من رؤسائهم لمجلس النظار عريضة
 يطلبون فيها تغيير ناظر الجهادية عثمان باشا رفقى 
وتشكيل مجلس نواب وغير ذلك 
مما يخرج عن حدود وظائفهم ، 
فأنعقد لذلك مجلس النظار 
تحت رئاسة المرحوم الخديوى توفيق

وانحط الرأى على عقد مجلس من الاهليين 
وبعض أمراء العسكرية من لا ينجم عن ذلك خطر
 ولا ضرر ، فانعقد ذلك المجلس بقصر النيل 
وجلبوا إليه لمحاكمتهم 
فقام مجموعة من الضباط والعساكر
 وهجموا على قصر النيل وأهانوا من بالمجلس
 وأخذوا العرابى ومن معه بالقوة على حسب عهد كان بينهم

فكان ذلك أول التظاهر بالعصيان 
والخروج على طاعة الحكومة وشاعت هذه النازلة 
حتى وصل خبرها إلى البلاد الأجنبية 
 فجمع المرحوم الخديوى توفيق النظار 
وأعيان الامراء وتفاوضوا فى إطفاء هذه الفتنة 
فتقرر تغيير ناظر الجهادية وإجابة العسكر إلى مطلوبهم

والاغضاء عما حصل منهم لما تبين 
عدم وجود قوة تحت الحكومة ترد جماحهم 
فلم ينقطع الشر بذلك ، بل تمادوا فى العصيان 
وحملهم الخوف على انفسهم على شدة النفور 
وعدم قبول النصيحة 
وطمعوا أن يكونوا أصحاب الحل والعقد فى الحكومة

وتأكد التحالف بينهم حتى بلغ بهم الأمر 
إلى أن هجموا على سراي عابدين
 ووجهوا إليه المدافع 
وطلبوا سقوط هيئة النظارة وترتيب مجلس النواب 
وزيادة عدد الجند إلى ثمانية عشر ألف عسكرى 

 فحضر القناصل
 وأوصلوا الامر إلى دولهم بواسطة التلغراف

وبعد المخابرات أجيب العسكر إلى مطلوبهم 
 وغيرت هيئة النظارة 

وصدر الامر الخديوى إلى المرحوم شريف باشا
 بتشكيل هيئة تحت رئاسته
 فشكلها وعقد مجلس النواب 
فشرع رجال المجلس فى تقرير لائحته الأساسية
 وبعد قليل 
طلبوا أن يكون لهم الحق فى نظر ميزانية الحكومة

بشرط عدم الخروج على المعاهدات الدولية 
وقانون التصفية 
فلم يجبهم شريف باشا إلى ذلك فأصروا على الطلب 
وظاهرهم العسكر فاستعفى شريف باشا 
وتغيرت هيئة النظارة وتشكلت هيئة جديدة 
تحت رئاسة محمود باشا البارودى 
وجعل من رجالها أحمد عرابى على الجهادية والبحرية

فلم تخمد بذلك نيران الفتن ، بل اشتعلت 
وانضم إلى الطائفة العرابية الخوارج
 كثير من أهل البلاد وأعيانهم ما بين راغب وراهب
 وفى أثناء ذلك أتى إلى مينا الاسكندرية 
مراكب حربية انجليزية وفرنسية وغيرها 
لتقرير الأمن وإطفاء الفتنة 
وحضر الى مصر 
درويش باشا مندوبا من طرف الدولة العلية

لتسكين الفتنة فلم تحصل النتيجة
 وقام الخديوى إلى الاسكندرية ولحقه درويش باشا 
وتدوولت المخاطبات بين الدولة وبينها وبين الباب العالى
 وتقررعقد لجنة بالآستانة العلية للنظر فى هذه الحادثة 
وفى أثناء ذلك أطلقت على الاسكندرية المدافع 
من المراكب الانجليزية

وقاومت العساكر المصرية سويعات ثم انهزموا 
وخرجوا من الأسكندرية بعد اشعالهم النار فيها
 وحثوا اهلها على الخروج فخرجوا هائمين على وجوههم 
كيوم المحشر وتفرقوا فى البلاد 
وحصل لهم من السلب والنهب وهتك الحريم 
ما يكل القلم عن حصره

ودخل الانجليز الثغر وتحصن عرابى ومن معه 
بقلاع عملوها من تراب بكفر الدوار
 وسدوا المحمودية ليمنعوا وصول الماء الى الاسكندرية 
وكثر الممدون لهم بالانفس والأموال ما بين راغب وراهب 
، وعم الخوف كل من لم يتشيع لهم 
وامتلأت الطوبخانة ممن تظاهر بمخالفتهم

وفى خلال هذه الاحوال كان قد تشكل بالقاهرة 
مجلس عرفى بامر العرابى للنظر فى المصالح 
وكثيرا ما عقدوا للنظر فى مسائل تعرض 
من طرف العرابى وحزبه
 وفى أخر مرة عقد مجلس بديوان الداخلية بالقاهرة 
ندب إليه كثير من الامراء والعلماء الروحانيين وأعيان البلد

وكنت قد حضرت من بلدى لقضاء بعض المصالح 
فكنت ممن ندب إليه فعينت سفيرا إلى الاسكندرية
 مع جماعة من الوطنيين 
فلما وصلنا الى الاسكندرية تكلمت فى عمل طريقة
 لما يوجب خمود نيران هذه الفتنة
 فأجاب جناب الخديوى 
وصارت المكالمة فى هذا الشأن مع رؤساء الانجليز

لكن لم ينجح ذلك لمزيد من نفرة العسكرية 
ولما خاف العرابى أن يتحول الانجليز 
إلى جهة برزخ السويس 
تحول باكثر عسكره إلى التل الكبير بالشرقية 
 فتحصنوا هناك 
ووقع بينهم وبين الانجليز مناوشات 
انتهت بانهزام عرابى وقومه

وسار الانجليز إلى القاهرة ، وأسلم العرابى نفسه
 وقبض علي كل من كان معه ومن اتهم بالتشيع له 
 وسجن الجميع فى أضيق السجون 
 وبعد أن حضر الخديوى إلى القاهرة 
وهدأت الأمور عينت لجنة للتحقيق 
وأخرى للحكم على كل بقدر جنايته

وتم الأمر بعقوبة البعض 
والعفو عن البعض 
وتبرئة البعض ، ولله عاقبة الامور

 

وما سبق كله هوه فقرة 

من كتاب "حياتى" السيرة الذاتية لعلى مبارك 
دوس هنا 

وبيتكلم فيه كما يبدو واضحا 
عن لامؤاخذة "رؤيته" للثورة العرابية وأحداثها 
واللى بدا جليا فيها تحيزه الكبير للقصر 
وللخديوى توفيق ولى نعمته

وبدا واضحا كمان رأيه ف الثورة العرابية 
بوصفها بعدة كلمات زى
 " عصيان ، نازلة ، شر ، فتنة ، حادثة " 
وبدا واضحا كمان كراهيته لعرابى ومن معه 
ووصف تصرفاتهم بـ 
"شرهم ، الخوارج ، الغرور "

والمذهل تعاميه عن بعض الحقايق اللى قالها غيره 
مدعيا طول الوقت ان توفيق يا عينى كان متجاوب 
وبيحاول يلم الليلة بس بهوأت منه 
والعرابية مكنوش عاوزين يقصروا الشر
 وان الاجانب جم لوحدهم 
دون استدعاء من الخديوى الجديد 
الخايب أبو اللى معرفش يتصرف 
فأستنجد بيهم 
عشان يلحق عرشه المتهاوى

وكان عنده من البجاحة انه يقول ان عسكر عرابى
 قاوموا "سويعات" قليلة ف الاسكندرية وانسحبوا
!!!!!

 بينما القنصل الامريكى 
اللى حر يوم القصف وكان شاهد عيان 
مستر البرت فارمان 
ف كتابه "مصر وكيف غدر بها" بيقول
 ان الجيش وقتها قعد يرد على القصف
 من 7 صباحا حتى السادسة ليلا 
ومحدش كان يتصور كل هذا الصمود !

ناهيك بقى عن تضليله للظهير الشعبى
 المساند لعرابى
 لما قال عليهم 
" ما بين راغب وراهب" 
وانه الامداد بالمؤن والأموال دا برضو لنفس السبب 
 اما بتوع مصلحة واما دروايش 
وكأن مفيش وسط زى انهم شافوها ثورة تمثلهم 
فمشيوا وراها 
واللى هوه انتا حاجة منتهى الانحطاط ف التفسير

واخيرا 
 عشان الناس اللى بتصدق ابراهيم عيسى
 اللى بيضلل راخر ويدلس ف التاريخ 
اهو على مبارك سخصيا اهو 
وهو من طرف الخديوى بيقولك ان العرابيين تجاسروا 
وهجموا على سراى عابدين وحاصروها بالمدافع !

 يعنى مش لأ ازاى دا محصلش وكذب 
زى شاهد الزور بتاع التخنيث ما بيقول ؟

وعلى مبارك يعتبر النموذج المثالى للدولجى 
شخص صعد من طبقة لطبقة ببعض الموهبة والشطارة 
فبينكر أصوله ويتعامى عن الظلم ويحتقر من كان منهم
ويتوحد مع أسياده ويتماهى مع كل ما يفعلوه
 ولو ادى ذلك لتزييف الحقايق
 المهم الموقف ينتهى ويعرف يرجع لشغله 
والفلوس والمجد الشخصى 
وتنحرق فوفة اكتر ما هى محروفة

واللى يقرى كلامه 
يفتكر ان البلد كانت زى الفل 
والتطور ماشى زى السكينة ف الحلاوة 
لولاش شوية العرابيين ومجاذيبهم ومغرضيهم 
اللى جم قاطعوا مسيرة التقدم والانجازات دى 
فبقوا مشعلى فتن وشر ونازلة وخوارج .. 
حوش يلا العدل اللى كان بيخر ! 
..
 قصره 
خلاص خلصنا


----------------------------