رغى الليلة لجزء صغنن من الكتاب البديع
الشخصية الوطنية المصرية
قراءة جديدة لتاريخ مصر
لـ د. طاهر عبدالحكيم
" وقال الخصب : أنا لاحق بمصر
فقال الذل : وأنا معك .... "
والكتاب ياولاد بيتكلم عن الشخصية المصرية
وتطورها عبر العصور
وبيتحيز لنظرية ارتباط المصرى بأرضه
وبالتالى بالنيل الذى يروى كل ما هو حى بالبلد
وبيؤكد على ان المركزية فى النظام الحاكم كانت حتمية
لان المسئوليات اللازم عملها لصيانة جريان النيل
مهمة لا يقدر عليها سوى نظام دولة لا الفرد
والدولة المركزية شوية شوية امتلكت السلطة المطلقة
ومسكت مقادير كل شىء
وبما انه الفلاح المصرى لحد وقت مش بعيد
كان هوه زى ما بيقول المؤلف
"يشكل تاريخيا الجسد الرئيسى لشعب مصر"
لذا أى حكم قد ينسحب
على مجمل الشخصية الوطنية عموما
ومنه نستخلص الاجابة ع السؤال التالى ...
والسؤال هو
هل الفلاح المصرى هو خانع وسلبى حقا ؟
المؤلف بيقول .. انه قبل ما نجاوب
لازم نعرف الاول أراء الباحثين والمؤرخين ف الحكاية دى
" أى ان الخنوع أو المقاومة كسمة رئيسية
للشخصية الوطنية المصرية "
الحاج أرنولد توينبى بيقول
"ان الفلاح المصرى على مر التاريخ كان ينظر الى
ممثلى السلطة وعلى رأسهم حاكم الدولة نظرة اجلال
بلغ فى معظم الاحيان حد التأليه والتقديس
وكان يذعن لأوامرهم بصورة شبه مطلقة
وأصبحت طاعة الحاكم وكل من يمثله واحدة
من أبرز الصفات السلوكية للفلاح المصرى"
اما جون باورنج فكتب عن
عادة الخضوع عند الفلاح المصرى
" فى تقرير عمله عن مصر فى عهد محمد على قائلا :
"ان هذه العادة عميقة الجذور حتى انه
- أى الفلاح المصرى-
يفضل الموت على أن يثور !"
اما بيوت بك
piot bey
اللى كان مدير الادارة البيطرية
للمزارع المصرية الحكومية وسكرتير المعهد المصرى
لكام سنة ف نهاية القرن الـ 19 فبيقول :
"الفلاح المصرى خانع أما من هو أعلى منه
إلى حد اتهامه نفسه ، ويرجع السبب فى ذلك
إلى مئات السنين من القهر والمعاناة"
تويتة مستقطعة بقى
شهروزة تود أن تلفت نظركم الى ملحوظة شافتها
وحستها .. المؤرخين الغربيين سبحان الله
نظرتهم للامور كان فيها حيادية وكثير من الرحمة
بينما لما نسمع اراء المؤرخين المصريين بقى
هنذهل من مدى الاحتقار اللى بيكنه تلتربعهم لمواطنيهم
مع ان المفروض العكس وشىء يخجل الصراحة !
الأب هنرى عيروط فى كتابه "الفلاحون" وفى ترجمة
اخرى "الفلاح" بينقل عن المقريزى المقولة الشهيرة
اللى نقلها هوه شخصيا عن كعب الأحبار
وفيها ذكر لأهل مصر بشكل غير مباشر
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أنه سأل كعب الأحبار عن طبائع البلدان وأخلاق سكانها
فقال إن اللّه تعالى لما خلق الأشياء جعل كل شيء لشيء
فقال العقل أنا لاحق بالشام فقالت الفتنة:وأنا معك
قال الخصب:أنا لاحق بمصر فقال الذل:وأنا معك
وقال الشقاء:أنا لاحق بالبادية فقالت الصحة:وأنا معك
وبيكمل الأب عيروط :
"هذه هى سكينة الفلاح ولكنها تصل إلى حد المهانة
والتدنى اللتين لم يفرضهما الفقر بقدر ما فرضهما
وبيقول حاجة خطيرة واضح انها متأصلة من زمان
" وعادة ما تزعم هذه الطبقة ان الفلاح لا يستطيع
أن يقدر سلطة تتعامل معه بأنسانية "
واللى هوه الشعب دا ميجيش الا بالكرباج وكدا .. !
وبيكمل :
"وهذا صحيح .. لكنه صحيح لأن الفلاحين فى الماضى
لم يربوا إلا على الضرب والغرامات واللعنات
والاهانات والترهيب الأمر الذى حولهم فى النهاية
إلى مخلوقات عديمة الحس "
الصراحة .. مؤلف الكتاب بيخمن ان الأب عيروط
استمد رأيه دا من كتابات عبدالرحمن الجبرتى
قال إيه بسلامته
انتوا عارفين شهروزة أصلها .. شايلة منه ومعبية
الاول كان بيتكلم عن الملتزمين
ورجالة محمد على سنكفولة وانهم غشومين :
" أحكام و أمور غير معقولة المعني وقد ربوا عليها
و أعتادوها ولا يجدون فيها بأساً ولا عيباً
وبعدين
"وقد سلط الله علي هؤلاء الفلاحين بسوء أفعالهم
وعدم ديانتهم و خيانتهم , وإضرارهم لبعضهم البعض
من لايرحمهم"
هوه دلوقتى بيقول ان الفلاحين يستاهلوا دا
ليه يا جبروتا ؟!
قالك عشان هما بيضربوا بعض مهاميز
واللى متخانق مع واحد يشتكيه فيتشد ويتأذى
زى اللى متخانق مع جاره فيبلغ عنه انه اخوانى وكدا ..
وبيكمل بقى :
"وإذا إلتزم بهم ذو رحمة ازدروه في أعينهم
و استهانوا به و بخدمه،و ماطلوه في الخراج
وسموه بأسماء النساء،وتمنوا زوال التزامه بهم
وولاية غيره من الجبارين الذين لايخافون ربهم
ولا يرحموهم"
طبعا مفيش داعى أذكركم انه بيتكلم عن عهد محمد على
اللى سحق الفلاحين سحقا
ومفيش دا عى أذكركم كمان
ان الأخ عبدالرحمن الجبرتى إبن واحد من كبار الملتزمين
وهو الشيخ حسن الجبرتى
يعنى بيتكلم من اليمة التانية من النهر
حيث طبقة الملاك وعلية القوم
ناهيك عن انه كان بينظر للعوام باحتقار دايم
وانه عنده من العنصرية اكوام اكوام ف الفسحة
يلا ماعلينا
ونكمل
الباحث كمال المنوفى بقى
بيتفق مع أرنولد توينبى ف تقديس الفلاح المصرى للحاكم
لكن بيرجع السبب هنا إلى الدين
"ويذهب الباحث نفسه إلى ان الفلاح المصرى
يتصور الثورة على الحاكم المسلم مهما بلغ جوره شىء
مرذول وذلك عملا بفتوى الامام احمد بن حنبل
والقائلة بانه ...
" على الرغم من أن الحاكم الجائر لا يطاع فى معصية
فإنه لا يجوز الخروج عليه لأن ذلك يعنى استبدال الأم
ن بالخوف وإثارة الفتن والعنف وتهديد كيان الامة
ووحدتها ولذلك من الحكمة ان تصبر الرعية
على جور الحاكم عملا بحكمة
وجوب احتمال أخف الضررين "
كمال المنوفى كمان شايف ان المصرى
من منطلق النظرة دى للحاكم شايفه له قدسية
ومن حقه يقرر أى شىء
وان الفلاح لا يملك مقدراته بما يكفى لأنه يختار
أو يقرر لنفسه كما انه
حتى لو فكر لا يملك القدرة للتغيير
ولا السلطة لفرض التغيير دا من أصله
وبالتالى مبيتحركش من مطرحه أساسااا
المؤلف انتبه لخطورة الجو اليائس دا
خصوصا لو انتقل من فلاح بسيط إلى شخصيات
المفروض تكون قيادية وبتحرك البلد نحو الاستقلال مثلا زى
.. أحمد لطفى السيد فيلسوف حزب الامة
ورئيس تحرير جريدته "الجريدة " واحد اقطاب
حزب الأحرار الدستوريين
وبيقول
"قد كان من رأى لطفى السيد أن المصريين ينافقون
الأقوياء وانهم خانعون يقبلون الإهانة والتحقير
ولا يصدر عنهم احتجاج وانهم يعبدون القوة
وحفلت كتابات احمد لطفى السيد بكل صفات الهوان
والخنوع والدناءة وضعف النفس التى ألصقها بالمصريين "
ليه يا بابا كدا ؟!!
تويتة مستقطعة .. الصنف دا موجود منه كتير
ف كل زمان ومكان مش ف مصر بس
شخص متغطرس منفوخ مستعلى على ناسه
عاوز يستشعر انه اللى بيفهم والباقى بهايم ومحتاجينله
عشان يفضل رئيس وزعيم وكبير الخ
وكان من باب اولى يحترم الشعب اللى هوه
مفروض واحد من قادة تنويره .. مش العكس !
جابرييل باير بقى ف رأى المؤلف
من الناس اللى رفضت النظريات دى خااالص
وقال ان لأ .. مفيش حاجة اسمها نلصق الصفات دى
بالمصريين أجمع وانهم مش خانعين
واورد امثلة لتمرد وثورات المصريين بس
ف الفترة من 1778 لحد 1951 عشان يقول
ان الخنوع دا مش لصيق بالشخصية المصرية كما يشاع
جابرييل كمان بيقول ان طبيعى البلاد وانبساط رقعتها
وسهولة المواصلات فيها
واعتماد الفلاح على الحكومة ف تسيير امور الزراعة
مش سبب يخليه خانع
وقيام الثورات دى وأبرزها الثورة العرابية
ومن بعدها ثورة 1919 كأكبر ثورتين مثلا
خير دليل ..
عباس محمود العقاد ف كتابه عن سعد زغلول
كانله رأى مختلف شوية
"فهو يرى ان موقف الانسان المصرى من السلطة دائما
يقوم على أساس من الشك والريبة
وليس على أساس التقديس والخوف
ولم يكن فى العلاقة بين الفلاح والسلطة ود
يحرص عليه الفلاح أو ضمان يحميه "
وبيقول ان الفلاح قرر لوقت طوييييل
تكون حمايته هى أسرته وقريته
وتكون ضمانته من الظلم والقهر
"وعلى عكس الاخرين يرى انه فيما يتعلق بالسلطة
فأن الفلاح كان متحفزا دائما للتغيير
غير ان الفلاح فى ثورته كما يقول العقاد
يريد أن يرى الصفوف حوله ولا يحب أن يخاطر وحده"
وبالرأى دا وغيره .. يتوصل المؤلف إلى انه
"انطلاقا من هذه الملحوظة الهامة التى اوردها العقاد
يمكن ان نرجع فترات الاستقرار الطويلة نسبيا
التى نلحظها فى التاريخ المصرى إلى جماعية
العقل المصرى
لا إلى للخضوع والميل للاستسلام ..
وبالمثل فأن عمق الثورة ، حين تقوم ،
واتساعها وشمولها ، يمكن رده إلى نفس السبب
أى إلى جماعية العقل المصرى التى هى النتاج الطبيعى
لنمط الحياة المصرية عبر التاريخ
فالمصرى لم يكن ليستطع
ان يعيش حياة فردية ،القرية دائما هى عالمه
حيث يعمل عملا جماعيا ويعيش حياة جماعية .
والمؤلف بيكمل نظريته ان كل حاجة تقريبا كانت جماعية .. اعمال الزراعة والرى وحماية الأرض من غارات البدو
ووقت الفيضان الخ كلها افعال جماعية بحتة
وبيخلص لأن العقلية الجماعية دى كانت بتقابل القهر
بالتحمل اللى بيسميه البعض .. خنوع
ودا اللى توصل إليه ... جاك بيرك فى كتابه
ان للصبر حدود على رأى الست
"ولكن هذا التحمل للقهر مشروط ، بأن يكون القهر ذاته
عاجزا عن أن يغير طبيعة الكائن الذى يتحمله
أى أنه عندما يصل القهر إلى الدرجة التى يهدد فيها
طبيعة الانسان المصرى وتكوينه
فانه لا مجال عندئذ للتحمل"
وبيقول ان الجماعية الصلدة دى
هيا اللى بتجدد الشخصية المصرية كل فترة
وتزيدها ثراء وقوة ومبتتولدش من فراغ وانما من
"تركة ماض هائل تتسلمها الأجيال جيل بعد الجيل "
وبيكمل سى جاك تحليله بإن:
"تلك الخاصية الفريدة قادرة ان تجمع فى لحظة واحدة
يحسبها المرء نهاية ، بينما هى ليست سوى بداية جديدة
فرعونيتها ، ومتوسطيتها ، وشرقيتها
ولأن كل ذلك فى وقت واحد فإنها تستطيع
أن تستمد من هذه الشخصية المركبة الثقة بالنفس
والقدرة على اعادة اكتشاف ذاتها"
وبينهى بيرك نظريته بالجملة العبقرية دى
...
"هذا هو ما جعل مصر لا تضيع أبدا
رغم انها تخسر كثيراً"
رغم انها تخسر كثيراً"
وانا خلصت
ويتبقى الملاحظات
1)
من المؤذى جدا والمهين حقا .. انك تلاقى مؤرخين وباحثين
من الغرب وكلامهم عن بلادك وشعبك
يكون ادق من كلام أهل البلاد أو القاطنين بها
والواكلين من خيرها
والجبرتى نموذج رغم انه مؤرخ كبير
لكن مش انسان كبير
وكل مدى أرفع القبعة للمقريزى عمدة التأريخ المصرى
ولعم صلاح عيسى

شىء بغيض انك تلاقى ناس بتحتقر الشعب بالمنظر دا
ومتدورش ع الأسباب زى الجبرتى مثلا
اللى بيوصف فلاحين عهد محمد على اللى شافوا الويل
وشغلوهم بالسخرة وبالضرب والاهانة
وخلوهم يسفوا التراب وياكلوا زبالة الاكل
ويتمرمطوا
ماذا تنتظر يعنى ؟
مواطن صالح ومنضبط ؟
ازاى ؟!!
ثم انه المصريين والفلاحين تحديدا بقى
ف بدايات عهد محمد على عملوا 5 ثورات
أيوالله زى مبقولك كدا
ثورة منهم بعتلها ابنه ابراهيم
كان بيربط الفلاحين ف المدافعةويضرب !
وثورة منهم .. جندى قتل فيها ابوه
اللى كان ف صفوف المتمردين .. واترقى بعدها !
لأ معلش
المصريين شافوا أيام سودة
اما عن الاخ أحمد لطفى السيد ... فمعلش
المصريين ف ثورة 19 وما بعدها
ضربوا امثلة عظيمة ف التمرد ع الظلم
انقتل منهم واتسجن واتعذب الآف فى سبيل الحرية
بس هما توسموا ف سعد زغلول الزعامة
ومشيوا وراه
فجو المصريين ينافقون الاقوى والقصص دى
غيرة وحك لامؤاخذة
2)
عملية غسيل مخ الناس .. مش عندنا بس
ف مصر والشرق وموجودة منذ القدم
من اول ما قالوا يا دعاية وبروباجندا
وفرعون بيقول لا أريكم الا ما أرى وكدا !
غسيل المخ بالتخويف من بطش السلطة
أو الترهيب بالدين والخروج على الحكام حجج قديمة قوى
وف كل بلد بظروف مصر
ووقف مكنة الغسيل دى
وسيب الادمغة تنشف ف الشمس
هتلاقيها بقت زى الفل والله !
وارفع الظلم والقهر عن المجتمع باختلاف طبقاته
مش هتلاقيهم وسخين مع بعض
الا قلة قليلة
بسيطة وسهلة اهى !
3)
اللحظة اللى بيتكلم عنها جاك بيرك دى
حقيقية جدا
ف العصر الحديث مثلا .. اعادة تشكيل الوعى الجماعى
عند المصريين بدأت من بعد محمد على ما انتهى
واللى بعده مكنوش ف نفس جشعه ودمويته
وعلى ما ظهرت طبقة الأفندية والمثقفين
كانت الثورة العرابية بتسلم لثورة 1919 الزمام
كل شوية يحصل حدث كبير يغير شوية ف الوعى
ولهذا أظن ان يناير ما زالت جذوتها مشتعلة
والنتايج ما زالت ف اختمار
يمكن نحضر نتايجها قريبا .. ويمكن لأ
لكن الاكيد ان العقل الجماعى هيختار لحظته
ويقوم لما القهر يقترب من الخط الفاصل اياه
وانى أتفق مع د. عمار على حسن .. ف مقولته
"ان الذين يقرأ التاريخ لا يشعر بالاحباط ابدا "
ولهذا شهروزة متفائلة مهما حصل من قهر وظلم
وحلقاته بتضيق
هانت ان شاء الله ومحدش يحدف طوب
وخلاص خلصنا
تصبحوا على ألف خير
تصبحوا على ألف خير
--------------------------------
https://www.misryon.com/story/1275005/عبد-الملك-بن-مروان-للتاريخ-قانونه-وللإنسان-قدره
ردحذف